2010/09/27

أسبوعين ؛؛

بسم الله الرحمن الرحيم ؛؛



:: ::: ::




أسبوعين كاملين مرا منذ ذلك اليوم .. كان يومـًا غريبـًا بكل شئ .. كان يُخفي في طياته الكثير منذ أعلن المؤذن آذان الفجـر غير أن الإنسان خُلق جهولاً .. !


إنه يوم الخميس الأول بعد عيد الفطر .. كثيرون هم الصائمون .. حتى هو كان صائمـًا .. !


استعدادت في منزل بعض الأحباب لزفاف إسلامي في الليل .. !


بدا اليوم طبيعيـًا للناظرين من بُعد ..


مع آذان الظهـر ..حدث ما حدث .. اصطدمت السيارة .. ودخل المشفى .. !


لم تكن المرة الأولى التي يدخل فيها المستشفى .. غير أن أحد لم يكن يعرف أنها الأخيرة .. وأنها الساعات الأخيرة .. والأنفاس المتبقية ستعلن النهاية .. !


تابعت الخبر عن بُعد .. يمر الوقت سريعـًا .. وكل ما نعلم أن الحالة حرجة وفقط .. ما شئنا الاتصال بوالدي - والذي كان معه بالمستشفى - تجنـبًا لأي إزعاج ..!


دقائق حينـًا أشعر بها كالدهر .. وآخرى آراها لحظات وأقل ..


أذن المغرب .. إفطار صامت .. عقدنا العزم على الاتصال للاطمئنان .. مكالمة لم تتعد الثواني المعدودة انهت كل شئ !


" - سلام عليكم ..
- وعليكم السلام .. الحج مصطفى .. البقاء لله !! "


وانتهت ؛؛


نسمع بعض أصوات الصراخ .. لم نعلم بعد مصدرها .. ينتشر الخبر سريعـًا .. الجميع في حالة وجوم وصمت !


استقبلنا نحن الليل .. ليستقبل هو ربه صائمـًا !

وكأن الليل قد اختنق تلك الأنفاس المتصارعة !



غابت الشمس .. لتأخذ معها أرواحـًا ظلت في القلوب ساكنة !

انقطع التيار الكهربي .. لعله هو الآخر كان يقوم بالحداد ويؤدي واجب العزاء !


بعض الاتصالات الهاتفية .. بعض الأشخاص يرسلون إلينا العزاء !


إنها حمائم الموت .. تسيطر على الأجواء .. وكأننا نتنفس هواءً حزينـًا ..


ما يتعدى الألف .. محتشدون أمام المستشفى .. تستطيع جيدًا سماع نحيب الرجال قبل النساء .. الكبار قبل الصغار ..


وكأن الشارع يضج بالبكـاء .. وكأنه يخرج من ينابيع كالماء .. !


لا أحد يريد التحرك من أمام ذلك المبنى الذي يرقد فيه .. بل ربما أن لا أحد يصدق ما حدث .. بل إنهم ينتظرونه ليخرج على قدميه قائدًا لهم كما كان من قبل وكما اعتاد الجميع .. !


تستطيع جيدًا رؤية بعض المسيحين واقفين بجوار المسلمين ..


وتجد ايضًا عوام الشعب واقفين .. وليس فقط أصحاب الدعوة أو أبناء الإخوان ..


الجمبع يبكي في صمت .. الجميع مازال لا يصدق .. !


نام من نام .. على صوت البكاء .. وظل المستيقظون يدعون الرحمن .. !


مشهد مهيب للجنـازة .. لم تره عيناي قط !


لن أكون مُبالغة إن قلت أنه تجاوز الخمسين ألفـًا .. أرى الجميع من أمامي دامعة أعينهم ..


أرى د/ بديع .. أعضاء مكتب الإرشاد .. أعضاء مجلس الشعب .. جميعهم يمرون دامعي العين .. باكي القلوب .. !


لن أنسى ذلك المشهد حينما حُمل الكفن بعد الصلاة .. وسار الناس في الشوارع وكأنهم مجهولي البيان !


خمسون ألفـًا أو أكثر شيعوكَ .. خمسيون ألفـًا أو أكثر حملوا نعشكَ .. دعوا لكَ .. بكوا لأجلكَ .. !


لازالت صرخات بائعي الخضروات في الشوارع .. في أذني عندما رأوكَ في النعش .. ولا زلت أشعر بدمع هؤلاء الرجال فاقدي البصر عليكَ ..


لازلت أذكر موقف تلك السيدة المسيحية وكلماتها عنكَ .. وموقف هؤلاء الجيران الذين ما انتموا لفكر أو عملوا بسياسة وإصرارهم على خروجهم في الجنازة !






شريط طويل من الذكريات يجول بخاطري ..

من 2000 حتى 2010 .. فترة برلمانية طويلة المدى .. طويلة الأحداث لكنها في ناظري بني الإنسان بعض نفاذها بضع ثوانِـ !


لازلت أذكر أنه كان أول من زار والدي في مرضه الشديد من أشهر ..


لازلت أذكر الكثير .. !




عذرًا إن بكيناكَ سيدي ..


عذرًا إن سالت مِنـا الدموع وأبت الوقوف !


لا نبكيكَ خشيةً عليكَ .. فإنا نحسبك من سُكان جناتِ النعيم !


بل إنـا نبكي فقدكَ .. نبكي رحيلكَ عنـا .. !


نبكيكَ سيدي ..


وأبلغ رسولاً منا السلام .. !






[ انتهت بعض الكلمات ... وظل الباقي في الأعماق صامـتًا يأبى الخروج ! ]

اللهم حسن الخاتمة ؛؛




====


ملف كامل عن أ / مصطفى عوض الله - رحمه الله -



======


أســألـ مـا شئتـ .. من هُنـا ..

قـل مـا شئت .. من هُنـا ..



نسألكم الدعاء ؛؛


سمية !


هناك تعليقان (2):

جمعاوى يقول...

سامحكم الله

لامس نمى التدوينة الدموع


رحم الله الفقيد - نحسبه شهيدا - ولا نزكى على الله أحد



عظم الله أجركم

سمية-بنت البنا- يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛؛


حياكم الرحمن ؛؛

عذرًا سيدي .. !

رحمه الله ، وأسكنه فردوسه ..


اللهم ارزقنا حسن الخاتمة ..


بوركتم ؛؛